موضوع: أعظم دموع تتقابل مع أسوأ قبلة الإثنين مارس 15, 2010 5:55 am
أعظم دموع تتقابل مع أسوأ قبلة
المقدمة
عندما تأملت الفرق فى شخصية يهوذا الخائن واللص الذى اَمن بالسيد المسيح يهوذا الذى عاش مع السيد المسيح وشاهد معجزاتة واللص الذى عاش مع أصدقائة اللصوص والقتلة. يهوذا الذى شاهد قوة المسيح فى معجزاتة و تعاليمة. واللص الذى شاهد ضعف المسيح عند الصليب. يهوذا يخسر الملكوت واللص يربح الفردوس فى أخر لحظات حياتهم لذلك كتبت قررت أن أكتب هذا التأمل" كتاب أعظم دموع تتقابل مع أسوأ قبلة" الهدف من هذا التأمل ان يعرف الأنسان انة مهما كان صالح وبيعمل أعمال صالحة ودايما بيحضر القداس ممكن يخسر أبديتة فى أخر لحظة. وعلى النقيض الاخر الانسان الخاطىء ممكن يقدم توبة وهو متأكد ان يسوع هيقبلها مهما كانت أعمالة بس بشرط تكون توبة نابعة من القلب . الفصل الأول: سارق الملكوت
أهو اللص الذى كان عن يمين المسيح أم عن يساره ؟ لسنا نعلم لأن الكتاب المقدس لم يحدد ما يذهب إليه التقليد من أنه اللص الذى كان عن اليمين وربما جنح التقليد إلى ذلك على أعتبار أن السيد المسيح سيقيم الخراف المباركين عن اليمين والجداء الملعونين عن اليسار ولسنا نعلم أسمه ديماس أم غير ديماس كما تقول التقاليد وإن كنا نعلم بالتأكيد أن التعبير الذى أستعمله متى ومرقس عن اللصين يفيد أنهما كانا قاطعى طرق ومن هنا ظن البعض أنه واحد من مجموعة لصوص كانوا يقطعون الطريق الشمالى الموازى لشاطىء البحر الأبيض المتوسط على المسافرين الذاهبين إلى مصر وقد اتفق أفراد العصابة فيما بينهم على أن يكون لكل منهم حصيلة سرقة يوم معين من أيام الأسبوع بالترتيب وعندما سارت العائلة المقدسة فى هذا الطريق خرجت عليها العصابة كعادتها ولكن اللصوص لم يجدوا مع هذه العائلة شيئاً يستحق السرقة سوى الحمار الذى تركبه السيدة العذراء حاملة الطفل يسوع ونظراً لوداعة أفراد العائلة وعدم أستعدادهم للقتال أو حتى حملهم لأى سلاح لذلك لم تنشب أية معركة بينهم وبين اللصوص وسرعان ما مضى جميع أفراد العصابة الستة تاركين اللص صاحب حصيلة اليوم حسبما يتراءى له .
وسار اللص فى الطريق مع العائلة المقدسة منجذباً بفعل الحب والتعاطف الذى ظهر على وجوه المسافرين خاصة الطفل الذى تحمله أمه. وسرعان ماقرر اللص أن يترك الحمار ثم مضى إلى أكثر من ذلك حيث قرر أن يستمر فى مصاحبتهم قليلاً حتى يساندهم إذا تعرضوا لأية أخطار أخرى قد تظهر فى الطريق وأثناء سيره معهم اقترب من الطفل يسوع الذى تعلق به فوجد أن وجهه المشرق بنور عجيب يتصبب بالعرق فأخرج منديلاً وأخذ يجفف به العرق وسرعان ما فاحت رائحة العرق الطيبة وكانت تفوق أعظم روائح الطيب المعروفة للناس فأسرع اللص يعصر المنديل فى زجاجة كان يحملها وداوم على ذلك لفترة حتى امتلأت الزجاجة من هذا الطيب النادر وهنا توقف العرق من الطفل يسوع ثم بعد ذلك ودع اللص العائلة المقدسة ورجع فى الطريق إلى أرض فلسطين حيث باع هذا الطيب لأحد التجار العطور بثمن باهظ وكان هذا الثمن هو التعويض الذى أعطاه له الطفل يسوع مقابل تركه الحمار الذى كان يحمل أمة العذراء مريم وبقى اللص بعد ذلك الحدث مختفياً فى غابات أورشليم. أما تاجر العطور الذى اشترى الطيب فقد احتفظ بالزجاجة فى أنتظار المشترى الذى يستطيع أن يدفع الثمن الباهظ الذى حدده التاجر لهذا الطيب النادر العجيب . فجاءت مريم أخت لعازر واشترت هذه الزجاجة بعد مرور ثلاثين عاماً تقريباً وبينما كان السيد المسيح فى بيت عنيا فى بيت سمعان الأبرص وهو متكىء جاءت هذه المرأة ومعها قارورة الطيب الناردين الخالص الغالى الثمن ثم كسرت القارورة وسكبت الطيب على رأسه مت(26: 6) , (مر 14:3) , (لو7:38) , (يو 11:2) . والبعض الأخر يعتقد أن اللص كان ينتمى إلى بيت متدين وأنضم إلى حزب الغيورين لمناهضة السلطة الرومانية وأن تيطس الرومانى قد قضى على هذا الحزب وهرب منذ هذه اللحظة حتى تم القبض علية. والحقيقة عزيزى القارىء أن اللص على علم ودراية بحياة يسوع المسيح لأنة يقول " أما هذا فلم يفعل شيئاً ليس فى محله" (لو 41:23) فى النهاية نحن نستند إلى أعتقادات ربما تكون صحيحة وربما لا يوجد منها شيئاً من الصحة ولكن يوجد شىء وحيد معروف ومؤكد عن اللص التائب هو صاحب أعظم دموع الذى من خلالها سرق الفردوس فى أخر لحظات حياتة .
الفصل الثانى : أذكرنى يارب مت جئت فى ملكوتك
فى بادىء الأمر كان اللصان يجدفان على الرب وقت صلبه ... يقول القديس متى الإنجيلى "وبذلك أيضاً كان اللصان اللذان صلبا معه يعيرانه" (مت 44:27) ويقول القديس مرقس الإنجيلى أيضاً "واللذان صلبا معه كانا يعيرانة" (مر32:15) أما القديس لوقا الإنجيلى فهو الذى ذكر إيمان اللص اليمين فقال "وكان واحد من المذنبين المعلقين يجدف علية قائلاً: : إن كنت أنت المسيح فخلص نفسك وأيانا فاجاب الاَخر وأنتهره قائلاً : أولا تخاف الله إذ انت تحت هذا الحكم بعينة أما نحن فبعدل جوزينا لأننا ننال أستحقاق ما فعلناه وأما هذا فلم يفعل شيئاً ليس فى محله" ثم قال أذكرنى يارب مت جئت فى ملكوتك" ( لو 23-42:39) فلماذا هذا التغير الفجائى الذى اعترى اللص اليمين وجعلة يكتشف فى لحظة أن المصلوب معه هو الرب القادر على كل شىء غافر الخطايا ومعطى الحياة الأبدية. وهنا يبق السؤال : كيف عرف اللص المسيح ؟ ولماذا اعتراه هذا التغير المفاجىء؟ لقد صلب يسوع المسيح فى وسط لصين على جبل الجلجثه وصار اللصين يجدفان علية وقابل يسوع هذا التجديف بالصمت حتى سمع اللص اليمين يسوع وهو يقول لمن صلبوه " يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون " ففكر االص اليمين من هذا الشخص الذى يفيض قلبه بالسلام الداخلى فى وسط نهر الألام وهو معلق على الصليب من هذا الشخص الذى يفيض قلبة بالحب وسط الكراهية ثم تأمل الأوضاع الظالمة التى جعلت يسوع البار يتالم ويصلب و الأشرار يعيشون بحريتهم بلا قيود . لذلك ألق كل خطاياه على المسيح الذى يطلب لمغفره من صلبوه لكى يطلب من الأب ان يغفر له خطاياه أيضاً . فدعنى أيها القارىء العزيز ان اخذك لنتأمل سوياً هذه الاَية " أذكرنى يارب متى جئت فى ملكوتك" المقصود هنا بكلمة " متى جئت" هو متى جئت أنت أيها السيد المسيح وليس متى جئت أنا لأن الكثير منا يعتقد أن المقصود هنا متى جئت أنا "اللص اليمين" فى ملكوتك والدليل على ذلك إننا نقول فى صلاة الأجبيه الساعة التاسعة " أذكرنا يارب متى جئت فى ملكوتك " فلو المقصود هنا هو أنا لقلنا "أذكرنا يارب متى جئنا فى ملكوتك" واالطيف فى رقة السيد المسيح أنه لم يجرح اللص ويقول له إن الملكوت لم يفتح بعد وأما الاًن ستذهب للفردوس ولكن فى كلمة رقيقة حاسمة شاملة قال له : اليوم ستكون معى فى الفردوس.
وقول اللص متى جئت فى ملكوتك دليل على حسن يقينه فى ألوهية المسيح وأنه إن مات فسيحيا مع الرب يسوع وتتضمن هذه الاًيه ثلاثة أمور 1- أن اللص أعترف بأن يسوع سيد 2-أن اللص أعترف بأن يسوع ملك له مملكة من شأنه أن يعطيها لمن يستحقها 3- إن السيد المسيح سيأتى مرة أخرى للمداينة وكان يقصد اللص بالملكوت الاًتى الذى يأتى فيه السيد المسيح على السحاب لكى يجمع مختاريه ويأخذهم إلى مملكته السمائية. ولكن يسوع المسيح نبه اللص أنه سوف لاينتظر حتى يأتى المسيح فى ملكوته السمائى الأبدى فهناك مملكة قد تأسست اليوم على الصليب لذلك قال يسوع المسيح له اليوم ستكون معى فى الفردوس فاليوم قد فتح الفردوس أيها اللص الطوباوى. فطوباك أيها اللص أنك أنهيت سجل سرقاتك فى اَخر لحظات حياتك بسرقة مقدسة صارت سبباً للتغاطى عن كافة سرقاتك السابقة ونعنى بذلك أنه ختم تاريخه بسرقة الفردوس حقاً ( من رأى لصاً اَمن بملك مثل هذا اللص الذى بأمانته سرق ملكوت السموات وفردوس النعيم). عزيزى القارىء لابد ان تتأكد أن يسوع ينتظر توبتك لكى يغفر لك كل خطاياك كما قال موسى لشعب الله " لأن الرب الهك اله رحيم لايتركك و لايهلكك ولاينسى عهد أبائك الذى اقسم لهم علية " تثنية 31:4)). الرب دفع ثمن خلاصنا على الصليب فلا تخسر هذا الخلاص عزيزى القارىء كما قال سيدنا البابا شنودة الثالث "أذكر دائماً دم المسيح فتعرف تماماً ماهى قيمة حياتك .
الفصل الثالث: كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد
شخص يهودى من سبط يهوذا من قريوت المذكورة فى (ار24:48و عا 2:2) والتى يحتمل أنها كانت تقع فى جنوبى اليهودية حيث توجد "خرابة القريتين" هذا هو يهوذا الأسخريوطى ويذكره العهد الجديد فى أغلب المرات بمسلم الرب يسوع المسيح " ويهوذا الإسخريوطى الذى أسلمه"(مت4:10 و مر 19:3) " ويهوذا الإسخريوطى الذى صار مسلما أيضا" (لو16:6) وأنه كان معروفاً منذ أختيار الرب أنه سيسلمه "أجابهم يسوع أليس أنا أخترتكم الاثنى عشر وواحد منكم شيطان قال عن يهوذا الإسخريوطى لأن هذا كان مزمعا أن يسلمه(يو70:6و71) وذلك بناء على علم الرب وتدبيره السابق " لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم" (رو29:8) ويذكره أيضا العهد الجديد بأنه تأمر مع رؤساء الكهنة وباع لهم المسيح "حينئذ ذهب واحد من الأثنى عشر الذى يدعى يهوذا الإسخريوطى إلى رؤساء الكهنة" (مت14:26) ثم يقول الكتاب "فدخل الشيطان فى يهوذا الذى يدعى الإسخريوطى وهو من جملة الاثنى عشر" (لو3:22) . "فحين كان العشاء وقد ألقى الشيطان فى قلب يهوذا سمعان الإسخريوطى أن يسلمه...لما قال يسوع هذا اضطراب بالروح وشهد وقال الحق الحق أقول لكم أن واحدا منكم سيلمنى. فكان التلاميذ ينظرون بعضهم إلى بعض وهم محتارون فى من قال عنه . وكان متكئاً فى حضن يسوع واحد من تلاميذه كان يسوع يحبه . فأوماً إليه سمعان بطرس أن يسأل من عسى أن يكون الذى قال عنه. فأتكا ذاك على صدر يسوع وقال له ياسيد من هو. أجاب يسوع هو ذاك الذى أغمس أنا اللقمة وأعطيه فغمس اللقمة وأعطاها ليهوذا سمعان الإسخريوطى . فبعد اللقمة دخله الشيطان فقال له يسوع ما أنت تعمله فأعمله بأكثر سرعة... فذاك لما اخذ اللقمة خرج للوقت وكان ليلاً فلما خرج قال يسوع الاَن تمجد ابن الإنسان وتمجد الله فيه (يو 2:13و22-31).
وقيل عنه أيضاً أثناء العشاء كشف عنه الرب بشكل مباشر لكل التلاميذ وحذره التحذير الأخير بأنه المسيح سيسلم ويصلب سواء قام هو بتسليمه أم لا فهذا هو ما حتمته المشورة الإلهية وما هو مكتوب فى كتب الأنبياء كما حذره من المصير الذى ينتظره فى حالة قيامه بتسليم الرب وخيانته " وفيما هم يأكلون قال الحق أقول لكم أن واحداً منكم يسلمنى فحزنوا جدا وابتدأ كل واحد منهم يقول له هل أنا هو يارب فأجاب وقال: الذى يغمس يده معى فى الصحفة هو يسلمنى . أن ابن الإنسان ماض كما هو مكتوب عنه ولكن ويل لذلك الرجل الذى به يسلم ابن الإنسان. كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد" (مت 22:26-24). ومن هنا نقدر نرد على البدعه التى تقول أن الله أستخدم يهوذا كوسيلة التى من خلاله يسلم يسوع لليهود ويصلب
وبعد أن قبض على الرب يسوع المسيح ندم وبدأ يشعر بالذنب وفى يأسه المتزايد بسبب طرد رؤساء الكهنة والشيوخ له "طرح الفضة فى الهيكل وانصرف ثم مضى وخنق نفسه" (مت5:27) واشترى رؤساء الكهنة بالفضة حقل الفخارى الذى سمى فيما بعد بحقل الدم ويوضح لنا سفر الأعمال كيفية موته بعد أن شنق نفسه فيقول " وإذ سقط على وجهه انشق من الوسط فانسكبت أحشاؤه كلها" (أع16:1-20) وتم فيه قول الكتاب "لأنه مكتوب فى سفر المزامير لتصر داره خرابا ة و لايكن فيها ساكن وليأخذ وظيفته اَخر" (أع20:1) أنها النهاية التعيسة لإنسان اعتنق بكل طاقاته روح المساومة و الأطماع الذاتية فلم يزن النتائج القاتلة التى قادته إليها تلك الدوافع الرديئة. ومن ثم يقول القديس أغسطينوس "أنه لا يستحق الرحمة ولذا لم يشرق فى قلبة نور ليجعله يسرع ليطلب العفو من الذى خانه" ومن ثم فقد كان لابد أن يتحقق فيه ماسبق أن أعلنه له الرب يسوع المسيح " أن ابن الإنسان ماض كما هو مكتوب عنه ولكن ويل لذلك الرجل الذى به يسلم ابن الإنسان. كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد " (مت22:26-24).