فأرسل (بولس) إلى مكدونية اثنين من الذين كانوا يخدمونه: تيموثاوس وأَرسطُوس، ولَبِثَ هو زمانًا في أسيا ( أع 19: 22 )
مع أن الرسول بولس كان خادمًا عظيمًا للمسيح، إلا أنه كان إنسانًا تحت الآلام مثلنا، مُعرضًا للضغوط والمتاعب. ولكن مهما كانت أسباب آلام ومتاعب الرسول بولس، فإن الله أبا ربنا يسوع المسيح، أبا الرأفة وإله كل تعزية، اقترب إليه وعزّاه. ولم ينس الرب قط خادمه الأمين الذي اختبر كثيرًا مرارة عداوة الناس وضغوط ومتاعب الخدمة. ولم يشأ الرب أن يجتاز الرسول كل هذه الاختبارات وحيدًا منفردًا. فإن كان الرسول بولس قد أصبح مُبغضًا أكثر من الجميع، فقد كان في أشد الحاجة للتعزية والمحبة أكثر من الجميع.
وكانت من ضمن ينابيع التعزيات الإلهية التي فاضت في نفسه أن نعمة الله جمعت حوله قلوب الكثيرين من الأصدقاء والرفقاء، المُحبين الأمناء، الذين كانوا سبب تسلية وتعزية وتشجيع له ( كو 4: 11 )، ومنهم مَنْ حرموا أنفسهم ليُعطوه ( 2كو 8: 1 - 5)، بل أن هناك مَنْ وضع عنقه لأجله ( رو 16: 3 ، 4).
وكان معه «سوباترُس البيري، ومن أهل تسالونيكي: أرستَرخُس وسكُوندُس وغَايوس الدري وتيموثاوس. ومن أهل أسيا: تيخيكس وتُروفيمُس» ( أع 20: 4 ) .. وأنسيمس، ومَرقس، ويسوع المدعو يُسطس، وأبَفراس، ونمفاس، وديماس، ولوقا الطبيب الحبيب ( كو 4: 7 - 16)، وأَبفرودتس ( في 2: 25 - 30)، وكان معه أيضًا «أَرَسطوس أحد الذين كانوا يخدمونه» ( أع 19: 22 ) .. كانوا يخدمونه في ظروف سجنه ومرضه وشيخوخته. فيا للرقة! ويا للعواطف!
وكل واحد من هؤلاء الرفقاء كان لازمًا، ليستخدمه الرب لتشجيع الرسول على الاستمرار في خدمته. ويا لها من شركة مقدسة تلك التي جمعته بين هذه النفوس! أما عن الاسم «أَرَسطوس» فمعناه «المحبوب». والمميِّز الأعظم لجماعة الرب هو محبة المسيح لهم. إنه يُحبنا كما أحبَّه الآب. ولقد قال الرب يسوع في يوحنا15: 9 «كما أحبني الآب كذلك أحببتكم أنا». فكم هي عميقة هذه المحبة لأنها على قياس محبة الآب للمسيح. وما أعجب قول الرب يسوع أيضًا لخاصته «لأن الآب نفسه يحبكم» ( يو 16: 27 )، بل وما أروع ما نسمعه في حديثه مع الآب إذ يقول: «وأحببتهم كما أحببتني» ( يو 17: 23 )، نعم، إن الآب أحبنا كما أحب ابنه الوحيد، واختارنا فيه، وأنعم علينا «في المحبوب» ( أف 1: 3 - 6). لذلك فلا عجب أن يحبنا كما أحبه